الخميس، 7 يناير 2010

الدكتور حامد ربيع واسهاماته في تقدم الدرس السياسي العربي


الدكتور حامد ربيع وإسهاماته في تقدم الدرس السياسي العربي


الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف
أستاذ التاريخ العربي الحديث –جامعة الموصل


من الأساتذة المصريين العرب المشهورين الذين عملوا في العراق ، وفي معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية بعد انتقاله إلى بغداد اثر التوقيع على معاهدة كامب ديفيد في أواخر السبعينات من القرن الماضي . وقد حاضر في جامعة بغداد، واشرف على رسائل ماجستير وأطروحات دكتوراه عديدة وعرفناه عن كثب أستاذا مقتدرا ، ومفكرا أصيلا ، وطنيا صادقا ، وقوميا وفيا مخلصا لبلده وأمته وللإنسانية جمعاء .. توفي في القاهرة يوم 10 من أيلول-سبتمبر سنة 1989 في ظروف قيل أنها كانت غامضة .. فالرجل ، رحمه الله ، كان شعلة وقادة من النشاط والحيوية ملأ الدنيا وشغل الناس بتحليلاته الدقيقة للقضايا المصرية والعربية والدولية .
أتذكر أن آخر تحقيق علمي كتبه كان بعنوان: (( كيف استخدمت الصهيونية ورقة الإسلام السياسي لتخريب المجتمع العربي)) وقد نشر في (مجلة كل العرب) بعددها ( 370) الذي صدر في 25 أيلول-سبتمبر سنة 1989 .. أي بعد وفاته بـ(15) يوما فقط .. وقد أكد هذا التحقيق ((أن الإسلام عنصر قوة للمجتمع )) ، وانه يعني نظاما للقيم التي ترفض عبودية الإنسان ، وتعلن عن حق المواطن في رفض ومقاومة الطغيان )) .. لذلك جرت وتجري المحاولات الشريرة لاختلاق ما يساعد على الاصطدام به ، والسعي لإضعاف تأثيره في النفوس والعقول بدعاوى كثيرة معروفة . وهذه المحاولات ليست جديدة وإنما هي قديمة تظهر اليوم بلون جديد .. ولعل مما ترتكز عليه هذه المحاولات ، السعي لتشويه العلاقة بين العروبة والإسلام .
كتب الأستاذ مصطفى عاشور دراسة عنه في الموقع الالكتــروني ( إسلام اون لاين)(آذار-مارس 2005) لمناسبة ذكرى وفاته الثامنة عشر بعنوان :((حامد ربيع : الموهوب المغبون)) .قال فيه أن الدكتور حامد عبد الله ربيع قدم مشروعا فكريا سياسيا وقوميا ما زال يعاني في بعض إشكالاته من الإهمال المتعمد .. فحامد ربيع حمل أجراس إنذار مبكر ضد مشاريع الهيمنة التي أصبحت تناقش في هذه الأيام في قمم دولية دون مواربة أو تستر . وربما كان سبب ذلك التجاهل انه كان يرفض سلبية عالم السياسة تجاه قضايا أمته ، ويوجه انتقادات صريحة ولاذعة الى السلطة الحاكمة .
ولد الدكتور حامد ربيع في القاهرة سنة 1925 ، أكمل دراسة القانون في كلية حقوق جامعة القاهرة ، وتخرج فيها سنة 1945 .. وحصل على الدكتوراه في ( علم الاجتماع التاريخي) من جامعة روما سنة 1950 . وفي 1963 نال درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس .. كانت له علاقة في بواكير حياته مع الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر وقد شجعه كثيرا على إكمال دراسته ، ومما يلاحظ أن الدكتور ربيع ، أثناء دراسته في الغرب ، لم ينبهر بالحضارة الغربية وإنما ظل يرى الجانب ألقيمي المحدد للحركة السياسية العربية في الحضارة الإسلامية .. ولم يمنعه هذا من الانفتاح على الآخر ..
عندما عاد إلى مصر ، درس في جامعتها وكان لفترة أستاذا للنظرية السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، كما أصبح أستاذا زائرا في جامعات عربية كثيرة ، منها جامعتي دمشق وبغداد ، وعمل كذلك في جامعتي باريس الفرنسية وميشغان الأمريكية .. وله فضل كبير في إنشاء عدد من المؤسسات البحثية والأكاديمية العربية منها على سبيل المثال مركز الدراسات الإنمائية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، والمعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية المصرية . وقد ظل في العراق ما يقرب من ثمان سنوات . كما ترأس الجمعية الدولية للتعاون العلمي بين دول البحر المتوسط .
ويعد الدكتور حامد ربيع من رواد الدراسات التي اهتمت بالقضية الفلسطينية والدراسات الإسرائيلية وكان يؤكد في بحوثه ومقالاته على حقيقة ان الصراع بين العرب وإسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود ، وان لهذا الصراع انعكاسات خطيرة على الأمن القومي ، كما أكد على خطورة التحالف بين إسرائيل والقوى الامبريالية العالمية ورأى أن الخلاص من براثن ذلك لايتم إلا بتقوية الذات وامتلاك مشروع وطني وقومي يحول دون الخضوع للهيمنة الأجنبية .
وانتقد الدكتور حامد ربيع التغلغل الفكري الأجنبي والمحاولات المحمومة لإنشاء مشاريع ومراكز بحوث ممولة من الخارج ، وحذر الباحثين العرب من التعاون مع تلك المشاريع والمراكز.
من مؤلفاته : ( الثقافة العربية بين الغزو الصهيوني وإرادة التكامل القومي) ، و( نحو ثورة القرن الواحد والعشرين : الإسلام والقوى الدولية ) و ( قراءة في فكر علماء الإستراتيجية) ، و( التجديد الفكري للتراث الإسلامي وعملية إحياء الوعي القومي)) و( نظرية الأمن القومي العربي ) ، و( التطور المعاصر للتعامل الدولي في منطقة الشرق الأوسط ) ، و ( إطار الحركة السياسية في المجتمع الإسرائيلي) ، و ( اتفاقية كامب ديفيد : قصة حوار بين الثعلب والذئـــب) ، و ( التعاون العربي والسياسة البترولية المعاصرة ) .. و ( مصر والحرب القادمة ) ، و ( الاستعمار والصهيونية وجمع المعلومات عن مصر ) و ( الرجولية السلوكية في تقاليدنا العربية : سوف أظل عربيا ) ، و ( كيف تفــكر إسرائيل ؟!) ، و ( إدارة الصراع العربي الإسرائيلي ) . هذا فضلا عن مئات البحوث والدراسات والمقالات المنشورة في المجلات المصرية والعربية والأجنبية . رحم الله حامد ربيع فقد كان أستاذا نفع بلده وأمته بعلمه فاستحق التقدير .

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله تعالى بجودكم دكتور ابراهيم، ورحم الله عالم الأمة العلامة الاستاذ الدكتور حامد ربيع

    ردحذف

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...