الجمعة، 9 أبريل 2010

قصة النشأة الأولى لدائرة صحة نينوى




قصة النشأة الأولى لدائرة صحة نينوى


ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

منذ فترة طويلة ، تزيد على أل (25) سنة ، كان لي- ولا يزال- اهتمام خاص بقضايا الصحة والخدمات الصحية وخاصة في الموصل ، فلقد كتبت بحثاً بعنوان : (( النشاطات الطبية والخدمات الصحية في العراق 1258 – 1921 )) نشر في مجلة آداب الرافدين التي تصدرها كلية الآداب بجامعة الموصل ، العدد (16) ، 1986 . كما نشرت بحثاً بعنوان : ((الأمراض والأوبئة وأثرهما في المجتمع الموصلي 1258 – 1918 )) في المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية _ تونس ، العددان 13 و 14 أكتوبر / تشرين الأول 1996 .. هذا فضلاً عن مقالات أخرى تحدثت فيها عن بعض الأطباء الرواد ومنهم محمد ألجلبي، ومحمد العبدلي، وداؤد ألجلبي، وكريكور أستار جيان .. وقد توفرت لدي الكثير من الوثائق والمعلومات عن صحة نينوى ..
وحين طلبت مني هيئة جريدة فتى العراق ، توثيق البدايات الأولى لقصة وسيرة دائرة صحة نينوى ، عدت إلى أوراقي لأجد أن الشؤون الصحية في الموصل كانت تدار من قبل المجلس البلدي مباشرة، فطبابة البلدية كانت من تشكيلات البلدية ويدير شؤونها طبيب يعاونه جراح وصيدلي وملقح للجدري ومولدة مجازة، ومن أهم واجبات هذه الطبابة مراقبة المطاعم العامة والمقاهي ورعاية صحة الناس وكان هناك صيدلية ومستوصف يوزع العقاقير مجاناً، واستمر الأمر على هذا المنوال منذ سنة 1887 وحتى 1891 حين تأسست (دائرة الصحة ).
وقد تنامت هذه الدائرة بعد الثورة الدستورية العثمانية التي وقعت في 23 تموز 1908 ، فأصبح هناك مديراً لصحة ولاية الموصل وهو ( الدكتور فيضي بك ) وسرعان ما ابتدأ الأطباء الموصليون يعودون إلى الموصل بعد إنهائهم الدراسة في كليتي الطب في استانبول ودمشق وغيرهما من كليات الطب العثمانية والأجنبية للعمل في المؤسسات الصحية .
كان هناك في المستشفى العام بالموصل سنة 1892 عدد من الأطباء معظمهم من العسكريين المنتمين للفيلق العثماني السادس منهم الدكاترة ( ديمتري ) و( عيسى ) و ( إسماعيل ) و ( حسن بدري ) و ( محمد أمين ) .وتشير الوثائق المتداولة أن المستشفى العام في الموصل ضم كذلك اثنان من الصيادلة .. أما المستشفى العسكري فقد ضم أطباء متخصصين بالجراحة كل من الطبيب نوري والجراح إسماعيل ، والطبيب نيقولا ، والصيدلي تناش ، والجراح فيض الله ، والطبيب شريف ، والطبيب محمد نيازي ، والطبيب محمد ملحم .وقد أشارت الدكتور شذى فيصل ألعبيدي في رسالتها للماجستير عن الإدارة العثمانية في الموصل في عهد الاتحاديين 1908 – 1918 ، قدمت لكلية الآداب سنة 1997 ، إلى أن هناك ما يدل على أن الموصل شهدت أول تأسيس مستشفى حديث سنة 1901 غطيت تكاليف بناءه من إيرادات الجسر المقام على دجلة .. وفي سنة 1912 تم افتتاح ( مستشفى الغرباء ) في باب سنجار وكان يعمل فيه عدد من الأطباء منهم الدكتور حنا خياط والدكتور فتح الله الساعاتي ، والدكتور فتح الله غنيمة ، والدكتور عبد الأحد عبد النور ، والدكتور عبد الكريم قليان ، وضمن الفترة العثمانية المتأخرة تأسست ( مستشفى الهلال الأحمر ) الذي عمل فيه عدد من الأطباء منهم الدكتور رؤوف عبو اليونان . وقد توسع بعد الاحتلال البريطاني واشتغلت فيه ممرضات إنكليزيات وعراقيات ..
في سنة 1912 كان الهيكل الإداري لمديرية الصحة، مكوناً من المدير محمد نوري أفندي وصادق أفندي ( كاتب ) ومحمود أفندي ( كاتب ) والدكتور حنا خياط وعدد من المضمدين .. وكان في مدينة الموصل وحدها سنة 1914 خمس مستشفيات فيها (3000) سرير مما يدل على أن الأساس الصحي الحديث في الموصل قد وضع من قبل العثمانيين ولا يعني هذا اكتمال كل التشكيلات الصحية ، وهنا لابد من التأكيد على وجود نواقص فنية وبشرية ، هذا فضلا عن انتشار الكثير من الأمراض ، لذلك بذلت بعض الجهود لتحسين الواقع الصحي في الموصل ..
في سنة 1920 صدر ( نظام ممارسة طب الجسم والأسنان ) في العراق حددت بموجبه الشروط اللازمة للممارسة مهنة الطب ، واشترط هذا النظام- كما يقول الدكتور ذنون يونس الطائي- في كتابه : (( الأوضاع الإدارية في الموصل خلال العهد الملكي 1921 – 1958 )) ، أن يكون الطبيب حائزاً على الشهادة الطبية أو دبلوماً من إحدى المعاهد والكليات الطبية ..
وبعد تشكيل الحكومة العراقية سنة 1921 ارتبطت دائرة الصحة بوزارة المعارف ولكنها أصبحت مديرية عامة في وزارة خاصة باسم وزارة الصحة في 13 أيلول 1921 ودعي الدكتور حنا خياط ( الموصلي ) ليتولى منصب وزير الصحة .
وفي سنة 1922 كان ملاك دائرة الصحة في الموصل يتألف من الجراح المدني باترسن ، والطبيب الاختصاصي بري ورئيسة الممرضات ام ماكلور والممرضة جي إي ويلسن والممرضة إي جي سكوت ،وتوزعت تشكيلات دائرة الصحة في الموصل على النحو التالي : المستشفى الملكي ( المدني ) والمستشفى الزهري والمستوصف البلدي ومستوصف السجن ودائرة صحة البلدية .. وقد اتسع ملاك دائرة الصحة سنة 1923 ليضم أطباء عديدين منهم بشير سرسم ، وبابا برهاد ، وساطع رؤوف ، ويحيى سميكة ، وفي سنة 1936 تأسست في الموصل طبابة الصحة المدرسية .
ومنذ سنة 1927 وحتى أواخر الحرب العالمية الثانية، كان في الموصل ( رئيس للصحة ) مسؤول أمام المدير العام للصحة العامة ببغداد .. وقد افتتح في الموصل مستشفى جديد بأسم ( المستشفى الملكي ) سنة 1939 وكانت بنايته تتكون من طابقين. وثمة تفاصيل عن الواقع الصحي في الموصل كانت تنشرها وزارة الصحة سنوياً ، وليس من شك في أن القطاع الصحي في العراق عامة والموصل خاصة شهد الكثير من الاهتمام في السنوات التالية ، ففي سنة 1947 صدرت الكثير من القوانين التي تضم مواداً من شأنها تطوير الواقع الصحي ، ومن ذلك صدور قانون الخدمة الطبية رقم 48 لسنة 1947 .
وفي الخمسينات من القرن الماضي تم في سنة 1952 إنشاء ( مستشفى الأمراض الصدرية ) وإنشاء ( دار الولادة) ،وضمن المشاريع الصحية للسنوات 1955 – 1958 رصدت المبالغ لإنشاء عدة مستوصفات في الاقضية والنواحي ونتيجة لاتساع الخدمات الصحية ،
وكما يشير الأستاذ عبد الحميد العلوجي في كتابه تاريخ الطب العراقي ، أصبح ملاك مديرية صحة اللواء سنة 1957 يتألف من (80) طبيباً و (107) ممرضة و (5) معاوني صيدلي و (37) صيدلياً و (80) موظفاً صحياً و (150) مضمداً و (5) مصورين شعاعيين و (15) مراقباً صحياً و (22) مركب أسنان و (24) مساعد مختبر و (61) قابلة .
كما اتسع المستشفى الملكي وأضاف إليه احد وجهاء الموصل ( مصطفى جلبي الصابونجي ) ردهة خاصة على حسابه لا تزال تحمل اسمه . وفي الستينات من القرن الماضي تم إنشاء المستشفى العام واليوم تواصل دائرة صحة نينوى ، وبعد تأسيس كلية الطب الأولى ، وكلية الطب الثانية والمدارس والمعاهد الصحية ، تطوير القطاع الصحي ، وإسعاف المرضى ، ومتابعة صحة المواطنين ، وتوسيع الخدمات الصحية في مختلف أنحاء المحافظة ، وتزويد المؤسسات الطبية والصحية بالتجهيزات واللوازم والأجهزة والتقنيات الحديثة ..
تولى رئاسة الصحة في الموصل عدد من الأطباء المتميزين منهم الدكتور باترسون 1922، الدكتور عبد الله برهوم1941 ، والدكتور رشيد زكريا 1942 ، والدكتور إبراهيم كشمولة 1952،والدكتور عثمان احمد 1955 ،والدكتور علي عبد الحسين 1958 .
وبعد ثورة 14 تموز 1958 مباشرة تولى رئاسة الصحة الدكتور عبد الوهاب حديد وبعده الدكتور حسين توحلة 1958 والدكتور عادل البكري مرتان الأولى 1962 والثانية 1968 ،والدكتور إبراهيم حبش 1964 وفي 18 كانون الثاني 1983 تغير اسم رئاسة صحة نينوى إلى دائرة صحة نينوى يديرها مدير عام وتولى الدكتور احمد الجبوري المنصب. وفي 1984 تولى الدكتور خالد محمد علي إدارة الصحة وبعده الدكتور مجيد حميد 1988 ثم الدكتور رياض ذنون العلاف 1988 والدكتور مؤيد قاسم 1989 والدكتور تقي علي الموسوي 1989 والدكتور نزار احمد شريف 1992 والدكتور ياسر رديف 2001 وفي 17 مايس 2003 اختير الدكتور ربيع ياسين الخليل مديرا عاما للصحة ومنذ 5 حزيران 2005 يتولى الدكتور صلاح الدين ذنون إدارة صحة نينوى وهو من مواليد الموصل تخرج في كلية الطب –جامعة الموصل سنة 1980 ويحمل شهادة الماجستير في طب المجتمع منذ سنة 1993 .ويقول عن إدارته انه يعمل بروح الفريق ويسعى جاهدا لتقديم كل ما هو أفضل ومتميز من خدمات صحية نوعية وكمية تحمل الطابع الإنساني والعمل الدءوب الجاد لخدمة الإنسان العراقي ويضع مصلحة المواطن وخدمة المواطن منهجا في عمله ويسعى دائما لإيصال الخير والحب للجميع ..
وأملنا كبير في الكادر الطبي والصحي في الموصل ، لكي يرتفع بمستويات الصحة العامة إلى مرتبات عالية من التقدم أسوة بما هو موجود في دول العالم المتقدمة ، وهذا ليس غريباً على الموصليين الذين عرفوا باهتمامهم بالنظافة والصحة العامة إلى حد كبير.
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html

هناك تعليق واحد:

بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم

  بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم - ابراهيم العلاف وفي إطار التوثيق للسينما العراقية المعاصرة ، ثمة أفلام تنتمي الى الواقع...