الجمعة، 9 يوليو 2010

تاريخ مهرجان أبي تمام في الموصل 1971 .........ابراهيم خليل العلاف














تاريخ مهرجان أبي تمام في الموصل 1971  

أ د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل- العراق 

في العدد الثاني من السنة الثانية ( 15تشرين الثاني سنة1971)، أعلنت مجلة الجامعة الموصلية أنها ستصدر عددا خاصا لمناسبة مرور اثني عشر قرنا على وفاة الشاعر العربي الخالد حبيب بن أوس الطائي المكنى بأبي تمام، وان مدينة الموصل ستحتفل في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول 1971 بذلك ، وان وزارة الأعلام سترعى الاحتفالية. وقد وجهت الدعوة إلى عدد كبير من الشعراء والأدباء والمفكرين للحضور، والمشاركة بإلقاء القصائد، وتقديم البحوث والدراسات التي تخص أثار الشاعر وإبداعاته.. وجاء العدد السادس الصادر في 15 كانون الأول 1971 خاصا بالشاعر أبي تمام، وقد حملت لوحة العدد صورة لأبي تمام كما تخيلها الفنان نبيل يوسف كنعان .. كما تصدرت العدد كلمة لرئيس جامعة الموصل آنذاك الأستاذ الدكتور محمد صادق المشاط قال فيها : " إن أحياء ذكرى الراحلين من أفذاذ أمتنا العربية في محافل أدبية عامرة تضم رجال الفكر وأرباب اللغة والبيان دليل حي على عراقة هذه الأمة ورسوخ محتدها في ميادين العلم والثقافة والفكر عبر الأجيال..". وقال :" أن علاقة الموصل بأبي تمام لاتعدو هذين اللقاءين، الأول: يوم قصدها زائرا في ميعة صباه وشرخ شبابه. والثاني: حين ولاه الحسن بن وهب كاتب ابن الزيات الوزير ، على البريد، فمكث فيها ،غير أن حياته لم تطل بها، فقد عاجلته المنون سريعا سنة 231 للهجرة وهنا في الموصل استقر فيها إلى الأبد..".
كانت لهيئة تحرير المجلة كلمة أكدت على أن من حق الموصل أن تعتز بشاعر خالد قضى فيها أواخر أيامه وضمت أرضها الطيبة رفاته"..
كتب السيد اسعد علي من معهد الآداب الشرقية الجامعة اليسوعية- بيروت مقالة بعنوان: (( إنسان أبي تمام في التاريخ والنقد)) .كما نشرت المجلة مقالة الدكتورة سلمى الحفار الكزبري- دمشق الموسومة: (( أبو تمام.. المؤرخ العظيم والشاعر الحكيم)). وكان للأستاذ الشاعر عبد الحليم اللاوند أسهام في العدد الخاص للمجلة آذ كتب: (( أبو تمام شاعر البطولة والقوة)). أما الأستاذ ميسر صالح الأمين فكتب عن :(( أبو تمام وأثره في المكتبة العربية )). ومن الطريف أن يبادر الأستاذ عبد الحميد التحافي ليكتب قصة بعنوان: ( من حياة أبي تمام)). وخصصت المجلة بعض الصفحات لمقالة مهمة كتبها الأستاذ احمد الصوفي بعنوان: (( كيف تم العثور على قبر أبي تمام)) وقال فيها أن قبره يقع في مقبرة قريبة من جامع قضيب ألبان في باب سنجار ومقابل مستشفى الأمراض الصدرية بالضبط وجنوب ماكان يسمى باب الميدان بمسافة 500 متر .ودعا إلى الاهتمام بهذه المقبرة وقال أنها تضم رفات أبي تمام وعدد من نوابغ الموصل أمثال أبو الحزم مكي بن ريان النحوي وقضيب ألبان الحسني إمام الشيخ عبد القادر الكيلاني ،وابن الدهان النحوي، والشيخ محمد الدين بن أبي الفضل الذي اشتهر بالرواية والحديث ،والمعافي بن عمران الذي اشتهر بالتدريس وعز الدين بن الأثير المؤرخ الكبير ،وأبو حامد بن القاضي كمال الدين الشهر زوري الفقيه، وأبو يعلى احمد بن علي التميمي الموصلي الذي اشتهر بالتفسير.. أما السيد ( الدكتور فيما بعد ) سيار كوكب الجميل فكتب مقالا بعنوان: (( لمحات في العلاج النقدي لشعر أبي تمام)). ونشرت المجلة صورة لتمثال الشاعر أبي تمام نحته الفنان طلال الصفاوي..
ومن المناسب الإشارة إلى أن الملف احتوى موضوعا ظريفا بعنوان: (( أبو تمام في صحف الموصل قبل خمسين عاما)) .. وفيه مقتبسات مما نشرته جريدة الجزيرة ( الموصلية) في عددها التاسع الصادر يوم 25 نيسان 1922، وفي عددها العاشر بتاريخ 29 نيسان 1922،ونقلت فيه احتفال المدرسة الإسلامية في الجامع الكبير المكرس للاحتفاء بنقل تراب الشاعر أبي تمام إلى المحل الخاص الذي أعدته بلدية الموصل في حديقة الملك فيصل الأول (حديقة الشعب حاليا) . وممن حضر الاحتفال الشاعر الدكتور محمد مهدي البصير والشيخ عبد الله النعمة، والدكتور داؤود ألجلبي، والشاعر فاضل الصيدلي.
كتب عبد الرزاق الجزار مقالا بعنوان: (( أبو تمام الشاعر في ذكراه الألفية)) ، وقال عنه انه (( أوحد عصره في ديباجة لفظه ونصاعة شعره وحسن أسلوبه )) وله من الكتب (( الحماسة )) و(( فحول الشعراء)) و(( الاختيارات من شعر الشعراء)). وتروي كتب الأدب انه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطيع)).
وجاء موعد الاحتفالية لتنشر المجلة في عددها السابع (السنة الثانية) الصادر في الأول من كانون الثاني 1972، وقائع الاحتفالية تحت عنوان : (( من مفكرة المهرجان: خمسة أيام مع أبي تمام في الموصل)). كما نشرت حوارا أجراه الصحفي المتميز الأستاذ لؤي الزهيري بعنوان :(( أحاديث في الشعر)) مع الشعراء نزار قباني، وعبد الوهاب ألبياتي، وبلند الحيدري .
كما نشرت وقائع لقاء طلبة كلية الآداب مع الشاعر اليمني عبد الله البردوني.. وفي العدد كذلك أسماء الكتاب والشعراء العرب والعراقيين المدعوين إلى مهرجان أبي تمام . ويسعدني أن انقل إلى القراء الكرام مانشرته المجلة عن مهرجان أبي تمام لكي نضع أبناءنا وأحفادنا في صورة المشهد الثقافي الموصلي في زمن جميل أخذنا نتحسر عليه .


من مفكرة المهرجان خمسة أيام مع أبي تمام في الموصل
11-12-1971
--------------
في صبيحة هذا اليوم الباسم من أيام أم الربيعين حمل قطار أبي تمام إلى مدينتنا " الحدباء" أجمل باقات من رجالات الفكر والأدب احتضنتهم بغداد العاصمة لينقلهم قطار أبي تمام بفخر واعتزاز إلى مدينة الربيع وهي تفتح ذراعيها بشوق ولهفة لاستقبالهم . وأكف أطفالها في الشوارع فرحة بهذا اللقاء.
وفي المساء امتلأت قاعة بهو الإدارة المحلية بأبناء مدينة الموصل وهم يحيطون بالوفود المشاركة في الاحتفال. ويعبرون لهم عن فرحتهم باللقاء. وفي تمام الساعة الخامسة اعتلى منصة الخطابة السيد عبد الجبار البصري عضو العليا للمهرجان معلنا بدء الاحتفال واستهله بالوقوف دقيقة واحدة على روح الشاعر الدكتور عبد الجبار الجومرد وزير خارجية العراق الذي وافاه الأجل قبل انعقاد المهرجان ببضعة أيا ( مساء يوم الاثنين 29 تشرين الثاني سنة 1971 ) ، وكان يستعد للمشاركة في المهرجان .وجاء ذلك بناء على طلب لفيف من والشعراء. ثم قدم عريف الحفل، الأستاذ الشاعر شفيق الكمالي وزير الأعلام لافتتاح المهرجان فوجه كلمة قيمة استهلها بقوله:
" يسرنا أن نحتفل في مدينة الموصل الخالدة ذات التراث الماضي الحضاري العريق بذكرى الشاعر العربي حبيب بن اوس الطائي الذي انتقل بالشعر العربي إلى مرحلة جديدة أكثر انسجاما وتجاوبا مع صيغة التقدم العلمي الذي بلغته الأمة العربية يومئذ"
ثم ألقى الأستاذ علي قاسم الجمعة كلمة المحافظة باسم أهالي الموصل المهرجان والوقود المشاركة فيه. وأعقبه الأستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد عميد كلية الآداب فألقى كلمة جامعة الموصل وجاء فيها: " أن الأمة العربية اليوم تعاني أزمات عديدة تواجهها في أكثر من جبهة ،والأديب العربي مدعو أكثر من أي وقت مضى لان يعيش مشكلات أمته واضعا الحلول لها.لا أن يعزل في برجه العاجي يناقش ويجادل دون هدف أو غاية، فنحن في مرحلة حاسمة من تاريخنا تقتضي حشد الطاقات كافة من اجل معركة التحرير وإعادة الثقة إلى امتنا المطعونة في كرامتها في أكثر من موضع".
بعد ذلك ألقى الأستاذ ارشد توفيق كلمة أدباء الموصل رحب فيها بالوفود المشاركة وأكد أهمية انعقاد المهرجان في الموصل الحدباء مدينة أبي تمام . أما كلمة الوفود
المشاركة فألقاها الدكتور محمد نجيب البهيبتي ممثل الوفد المصري وأعقبته السيدة سلمى الحفار الكز بري من سوريا فألقت كلمة كذلك.
ثم تليت البرقيات التي وردت للمهرجان من المنظمات والمجلات الثقافية ومنها برقية مجلة الجامعة تبارك للمحتفلين وتهنئهم ، وفي تمام الثامنة اختتم حفل الافتتاح .
مساء 11 -12-1971:
======
في الساعة السابعة من هذا اليوم افتتحت الأمسية الشعرية الأولى في قاعة المحلية وقد احتشد أهالي الموصل بشوق ولهفة للالتقاء بالشعراء العرب وقد قدم عريف الحفل السيد لطيف الجبوري، الشاعر نزار قباني فألقى قصيدته الموسومة ب " قصيدة اعتذار لأبي تمام" وجاء فيها:
(1)

أحبّائي
إذا جئنا لنحضرَ حفلةً للزّارِ .. منها يضجرُ الضجرُ
إذا كانتْ طبولُ الشّعرِ .. يا سادَهْ
تفرّقُنا .. وتجمعُنا
وتعطينا حبوبَ النومِ في فمِنا ..
وتسطُلُنا ..
وتكسرُنا ..
كما الأوراقُ في تشرينَ تنكسرُ
فإنّي سوفَ أعتذرُ ..


(2)

أحبّائي !
إذا كنّا سنرقصُ دونَ سيقانٍ كعادتِنا
ونخطبُ دونَ أسنانٍ .. كعادتِنا
ونؤمنُ دونَ إيمانٍ كعادتِنا ..
ونشنقُ كلَّ مَنْ جاءَ إلى القاعهْ
على حبلٍ طويلٍ من بلاغتِنا
سأجمعُ كلَّ أوراقي ، وأعتذرُ ..

(3)

إذا كنّا سنبقى أيّها السّادَهْ
ليومِ الدّينِ .. مختلفينَ حولَ كتابةِ الهمزهْ
وحولَ قصيدةٍ نُسبَتْ إلى عمرو بنِ كلثومِ
إذا كنّا سنقرأُ مرّةً أخرى قصائدَنا التي كنّا قرأناها
ونمضغُ مرّةً أخرى حروفَ النصبِ والجرِّ التي كنّا مضغناها
إذا كنّا سنكذبُ مرّةً أخرى
ونخدعُ مرّةً أخرى الجماهيرَ التي كنّا خدعناها
ونُرعِدُ مرّةً أخرى .. ولا مَطَرُ
سأجمعُ كلَّ أوراقي .. وأعتذرُ ..

(4)

إذا كنّا تلاقَينا ..
لكي نتبادلَ الأنخابَ أو نَسْكَرْ
ونستلقي على تختٍ من الريحانِ والعنبرْ
إذا كنّا نظنُّ الشعرَ راقصةً مع الأفراحِ تُستأجَرْ
وفي الميلادِ .. والتأبينِ تُستأجرْ
ونتلوهُ كما نتلو كلامَ الزّيرِ أو عَنترْ
إذا كانتْ همومُ الشعرِ يا سادهْ
هي الترفيهُ عن معشوقةِ القيصرْ
ورشوةَ كلِّ مَن في القصرِ من حَرسٍ ومن عسْكَرْ ..
إذا كنّا سنسرقُ خطبةَ الحجّاجِ ، والحجّاجَ ، والمنبرْ
ونذبحُ بعضنا بعضاً لنعرفَ مَن بنا أشْعَرْ
فأكبرُ شاعرٍ فينا هو الخنجرْ ..

(5)

أبا تمّام . أينَ تكونُ ؟ أينَ حديثُكَ العَطِرُ ؟
وأينَ يدٌ مغامِرَةٌ ؟
تسافرُ في مجاهيلٍ ، وتبتَكِرُ ..
أبا تمّام . أرملةٌ قصائدُنا . وأرملةٌ كتابتُنا
وأرملةٌ هيَ الألفاظُ والصّورُ ..
فلا ماءٌ يسيلُ على دفاترِنا ..
ولا ريحٌ تهبُّ على مراكبِنا ..
ولا شمسٌ .. ولا قَمَرُ
أبا تمّام . دارَ الشعرُ دورتَهُ ..
وثارَ اللفظُ ، والقاموسُ ، ثارَ البدوُ والحَضَرُ
وملَّ البحرُ زُرقَتَهُ ..
وملَّ جذوعَهُ الشجرُ
ونحنُ هنا ..
كأهلِ الكهفِ .. لا عِلمٌ ولا خَبَرُ
فلا ثوّارُنا ثاروا ..
ولا شعراؤنا شَعَروا ..
أبا تمّام . لا تقرأْ قصائدَنا
فكلُّ قصورِنا ورقٌ ..
وكلُّ دموعِنا حَجَرُ ..

(6)

أبا تمّام ..
إنَّ الشعرَ في أعماقِه .. سَفَرُ
وإبحارٌ إلى الآتي .. وكَشفٌ ليسَ ينتظرُ
ولكنّا جعلنا منهُ شيئاً .. يشبهُ الزَّفَّهْ
وإيقاعاً نحاسياً ، يدقُّ كأنّهُ القَدَرُ ..
أميرَ الحرفِ سامِحنا ..
فقد خُنَّا جميعاً مهنةَ الحرفِ
وأرهقناهُ بالتشطيرِ ، والتربيعِ ، والتخميسِ ، والوَصفِ
أبا تمّام . إنَّ النّارَ تأكلُنا
وما زِلنا نُجادِلُ بعضنا بعضاً
عن المصروفِ ، والممنوعِ من صَرْفِ
وجيشُ الغاصبِ المحتلِّ ممنوعٌ من الصرفِ ..
وما زلنا نُطَقْطِقُ عَظْمَ أرجُلنا
ونقعُدُ في بيوتِ اللهِ ننتظرُ ..
بأن يأتي الإمامُ عليُّ .. أو يأتي لنا عُمَرُ
ولن يأتوا .. ولن يأتوا ..
فلا أحدٌ بسيفِ سواهُ ينتصرُ

(7)

أبا تمّام .
إنَّ الناسَ بالكلماتِ قد كَفروا
وبالشعراءِ قد كفروا ..
وبالصلواتِ ، والدعواتِ ، والأمواتِ ، والموتِ
وبالحربِ التي تأتي . ولا تأتي
فقُلْ لي أيّها الشاعرْ
لماذا شعرُنا العربيُّ قد يَبِسَتْ مفاصلُهُ
منَ التكرارِ .. واصفرَّتْ سنابلُهُ
وقُلْ لي أيّها الشاعرْ
لماذا الشعرُ ـ حينَ يشيخُ ـ
لا يستلُّ سكّيناً .. وينتحِرُ ..



قوبلت قصيدته بعاصفة من التصفيق، ثم أعقبه الشاعر احمد عبد المعطي حجازي فالقي قصيدتين الأولى عن وحيد النقاش الشاعر الذي مات بعيدا عن وطنه، والثانية(( مرثية للعهد الجميل)) كان قد كتبها بعد سماعه برحيل الرئيس جمال عبد الناصر في 28 أيلول سنة 1970 وفيها تنبأ بأن الزمن العربي الجميل انتهى بموت عبد الناصر وفيما يلي مقطعا منها :
من تري يحمل الآن عبء الهزيمة فينا
المغني الذي طاف يبحث للحلم
عن جسد يرتديه
أم هو الملك المدعي إن حلم المغني
تجسد فيه
هل خدعت بملكك
حتى حسبتك صاحبي المنتظر
أم خدعت بأغنيتي
وانتظرت الذي وعدتك به
ثم لم تنتصر
أم خدعنا معاً
بسراب الزمان الجميل؟!
ويتحدث الشاعر الكبير الأستاذ معد الجبوري في ذكرياته عن مهرجان أبي تمام ، عن هذه القصيدة وعن علاقته بالشاعر احمد عبد المعطي حجازي قائلا : "في الأمسية الأولى لمهرجان أبي تمام، وفي إطار الجو الذي يتصل بالنكسة، ألقى الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قصيدتين الأولى في رثاء الكاتب المصري وحيد النقاش. والثانية في الذكرى الأولى لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر.. والقصيدتان كأنهما قصيدة واحدة، فهما تجريان على إيقاع بحر واحد هو (المتدارك) ويجمعهما جو واحد وأسلوب واحد..
ونقف هنا عند ( مرثية للعمر الجميل) التي أطلق الشاعر اسمها فيما بعد عنوانا لإحدى مجاميعه الشعرية، فهي من أجمل ما كُتب في ذكرى عبد الناصر وهزيمة حزيران، ففي هذه القصيدة، التي استجابت لها النخبة في المهرجان أكثر من جمهور القاعة، يذكِّرنا الشاعر بمراثي المدن والأبطال في التراث القديم، إذ ندخل مع حجازي، وكأننا في حلم أو رحلة ملحمية، إلى جوٍّ من الرثاء لم نعهده من قبل، فنحن أمام رثاء غرناطة أو قرطبة من جديد، والشاعر هو المغني الذي يمشي وراء دمه ويضرب أوتار قيثارته راحلا وراء حلمه (البطل) من مستحيلٍ إلى مستحيل، ثم يسقط حلمه وتسقط غرناظة في المحيط..
في مستهل قصيدته يبدأ حجازي من نهاية ذلك الحلم الجميل ـ عبد الناصر:
هذه آخر الأرض، لم يبق ّإلاّ الفِراقْ
سأسوِّي هنا لك قبرا، وأجعلُ شاهدَه÷ مِزقةً من لوائِكَ،
ثم أقول: سلاما
زمنُ الغزوات مضى.. والرّفاقْ
ذهبوا.. ورجعنا يتامى
هل سوى زهرتين أضمُّهما فوق قبرِكَ،
ثمَّ أمزّقُ عن قدمَيَّ الوثاقْ؟
............
تلك غرناطةٌ سقطتْ،
ورأيتُكَ تسقطُ دونَ جراحٍ،
كما يسقط النجمُ دون احتراقْ
والقصيدة طويلة تتشابك فيها الرموز، وتتداعى الصور وتتداخل العصور والأمكنة ويتصاعد فيها حوار عميق بين المغني والبطل، من العناق إلى اللوعة إلى الندم إلى تزاحم الأسئلة، عبر غنائية حزينة عذبة، وأسلوب له بصماته الخاصة التي هي بصمات حجازي.. وهذا مقطع آخر منها:
مَنْ تُرَى يحملُ الآن عِبءََ الهزيمة فينا
المغني الذي طافَ يبحثُ للحلم عن جسٍد يرتديهْ
أم هو المَلِكُ المدَّعي أنَّ حُلْمَ المغني تجسَّدَ فيهْ؟
هل خُدِعتُ بمُلْككَ، حتى حسبتُكَ صاحبيَ المُنتظَرْ
أم خدعتَ بأغنيتي
وانتظرتَ الذي وعدتْكَ به، ثم لم تنتصِرْ
أم خُدِعنا معاً بسرابِِ الزمانِ الجميلْ؟

ثم القي الشاعر جورج راجي قصيدة، وأعقبه الشاعر إدريس الجاي بقصيدة حيا فيها الموصل، وتلاه الشاعر حافظ جميل فالقي قصيدة قارن فيها بينه وبين أبي تمام إذ كان أبي تمام يدير بريد الموصل كما أن الشاعر حافظ جميل كان يعمل في بريد الموصل فترة من الزمن وفيما يلي بعض أبيات قصيدته :
مالي أهيمُ، ولاتَ وقت هيـامِ *** أيكونُ في الستين، بدءُ غرامي؟
يا جِيرةَ الحدبـاء ، أيّ معرَّةٍ *** إن قلتُ: أعشـقُكمْ ، وأيّ ملامِ
عشتُ السنينَ بأرضِكمْ لم أدَّكِرْ *** غيـرَ الرِّضا، والحبِّ والإكرامِ
نادمتموني، والشـبابُ نديَّـةٌ *** أيامُـهُ ، كالزهـرِ في الأكمامِ
كم كنتُ أوثرُ أن تطولََ إقامتي *** مـا بينكمْ ، حتى يحينَ حِمامي
يا جِيرَةَ الحدبـاء، ما يمَّمتُكُمْ *** إلاّ وأشـتاتُ المُنـى قُدّامـي
سأطلُّ أذكرُكمْ وأطري فضلَكمْ *** والشـاهداتُ مِن السنين أمامي
يا ملهمََ الشعراء ، ما قد دبَّجُوا *** في شـعرِهمْ ، مِن ذلكَ الإلهامِ
نمْ في ثرى الحدباء أنجب بقعةٍ *** ضمَّتْ رفاتَكَ ، يـا أبا تَمَّـامِ


، واعتلى المنصة الشاعر عبد الله البردوني من اليمن بين عاصفة من التصفيق، فالقى قصيدة بعنوان(( أبو تمام وعروبة اليوم)) نالت أعجاب الحضور وفيما يلي نص القصيدة :
ما أَصْدَقَ السَّيْفَ! إِنْ لَمْ يُنْضِهِ الكَـذِبُ
وَأَكْذَبَ السَّيْفَ إِنْ لَمْ يَصْـدُقِ الغَضَـبُ
بِيضُ الصَّفَائِـحِ أَهْـدَى حِيـنَ تَحْمِلُهَـا
أَيْـدٍ إِذَا غَلَبَـتْ يَعْلُـو بِهَـا الغَـلَـبُ
وَأَقْبَـحَ النَّصْرِ..نَصْـرُ الأَقْوِيَـاءِ بِـلاَ
فَهْمٍ. سِوَى فَهْمِ كَمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُـوا
أَدْهَى مِنَ الجَهْـلِ عِلْـمٌ يَطْمَئِـنُّ إِلَـى
أَنْصَـافِ نَاسٍ طَغَوا بِالعِلْـمِ وَاغْتَصَبُـوا
قَالُوا: هُمُ البَشَرُ الأَرْقَـى وَمَـا أَكَلُـوا
شَيْئَاً .. كَمَا أَكَلُـوا الإنْسَـانَ أَوْ شَرِبُـوا
* * * * *
مَاذَا جَرَى.. يَـا أَبَـا تَمَّـامَ تَسْأَلُنِـي؟
عَفْوَاً سَـأَرْوِي .. وَلا تَسْأَلْ .. وَمَا السَّبَبُ
يَدْمَـى السُّـؤَالُ حَيَـاءً حِيـنَ نَسْأَلُـُه
كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَى «حَيْفَا» أَوِ «النَّقَـبُ»
مَنْ ذَا يُلَبِّـي ؟ أَمَـا إِصْـرَارُ مُعْتَصِـمٍ ؟
كَلاَّ وَأَخْزَى مِنَ « الأَفْشِينَ » مَـا صُلِبُـوا
اليَوْمَ عَـادَتْ عُلُـوجُ «الـرُّومِ» فَاتِحَـةً
وَمَوْطِـنُ العَرَبِ المَسْلُـوبُ وَالسَّلَـبُ
مَاذَا فَعَلْنَـا؟ غَضِبْنَـا كَالرِّجَـالِ وَلَـمْ
نَصْدُقْ.. وَقَدْ صَـدَقَ التَّنْجِيـمُ وَالكُتُـبُ
فَأَطْفَـأَتْ شُهُـبُ «المِيـرَاجِ» أَنْجُمَنَـا
وَشَمْسَنَا ... وَتَحَـدَّت نَارَهَـا الحَطَـبُ
وَقَاتَلَـتْ دُونَنَـا الأَبْــوَاقُ صَـامِـدَةً
أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُـوا... ثَـمَّ أَوْ هَرَبُـوا
حُكَّامُنَا إِنْ تَصَـدّوا لِلْحِمَـى اقْتَحَمُـوا
وَإِنْ تَصَدَّى لَـهُ المُسْتَعْمِـرُ انْسَحَبُـوا
هُمْ يَفْرُشـُونَ لِجَيْـشِ الغَـزْوِ أَعْيُنَهُـمْ
وَيَدَّعُـونَ وُثُـوبَـاً قَـبْـلَ أَنْ يَثِـبُـوا
الحَاكِمُونَ و«وَاشُنْـطُـنْ» حُكُومَتُـهُـمْ
وَاللامِعُـونَ .. وَمَـا شَعَّـوا وَلا غَرَبُـوا
القَاتِلُـونَ نُبُـوغَ الشَّـعْـبِ تَرْضِـيَـةً
لِلْمُعْتَدِيـنَ وَمَـا أَجْدَتْـهُـمُ الـقُـرَبُ
لَهُمْ شُمُـوخُ «المُثَنَّـى» ظَاهِـرَاً وَلَهُـمْ
هَـوَىً إِلَـى «بَابَـك الخَرْمِـيّ» يُنْتَسَـبُ
مَاذَا تَرَى يَا «أَبَـا تَمَّـامَ» هَـلْ كَذَبَـتْ
أَحْسَابُنَـا؟ أَوْ تَنَاسَـى عِرْقَـهُ الذَّهَـبُ؟
عُرُوبَـةُ اليَـوَمِ أُخْـرَى لا يَنِـمُّ عَلَـى
وُجُودِهَـا اسْـمٌ وَلا لَـوْنٌ وَلا لَـقَـبُ
تِسْعُونَ أَلْفَـاً « لِعَمُّـورِيَّـة َ» اتَّـقَـدُوا
وَلِلْمُنَجِّـمِ قَـالُـوا: إِنَّـنَـا الشُّـهُـبُ
قِيلَ: انْتِظَارَ قِطَافِ الكَرْمِ مَـا انْتَظَـرُوا
نُضْـجَ العَنَاقِيـدِ لَكِـنْ قَبْلَهَـا الْتَهَبُـوا
وَاليَـوْمَ تِسْعُـونَ مِلْيونَـاً وَمَـا بَلَغُـوا
نُضْجَـاً وَقَدْ عُصِـرَ الزَّيْتُـونُ وَالعِنَـبُ
تَنْسَى الرُّؤُوسُ العَوَالِـي نَـارَ نَخْوَتِهَـا
إِذَا امْتَطَاهَـا إِلَـى أَسْـيَـادِهِ الـذَّنَـبُ
«حَبِيبُ» وَافَيْتُ مِـنْ صَنْعَـاءَ يَحْمِلُنِـي
نَسْرٌ وَخَلْفَ ضُلُوعِـي يَلْهَـثُ العَـرَبُ
مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَـاءَ يَـا أَبَتِـي ؟
مَلِيحَـةٌ عَاشِقَاهَـا : السِّـلُّ وَالـجَـرَبُ
مَاتَـتْ بِصُنْـدُوقِ «وَضَّاحٍ» بِـلاَ ثَمَـنٍ
وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْـقُ وَالطَّـرَبُ
لَكِنَّهَا رُغْمَ بُخْـلِ الغَيْـثِ مَـا بَرِحَـتْ
حُبْلَى وَفِي بَطْنِهَـا «قَحْطَـانُ» أَوْ «كَرَبُ»
وَفِـي أَسَـى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِـي «يَمَـنٌ»
ثَانٍ كَحُلْـمِ الصِّبَـا... يَنْـأَى وَيَقْتَـرِبُ
«حَبِيبُ» تَسْأَلُ عَنْ حَالِي وَكَيْـفَ أَنَـا؟
شُبَّابَـةٌ فِـي شِفَـاهِ الرِّيـحِ تَنْتَـحِـبُ
كَانَتْ بِلاَدُكَ «رِحْلاً»، ظَهْـرَ «نَاجِيَـةٍ»
أَمَّـا بِـلاَدِي فَلاَ ظَهْـرٌ وَلاَ غَـبَـبُ
أَرْعَيْـتَ كُـلَّ جَدِيـبٍ لَحْـمَ رَاحِلَـةٍ
كَانَتْ رَعَتْـهُ وَمَـاءُ الـرَّوْضِ يَنْسَكِـبُ
وَرُحْتَ مِنْ سَفَـرٍ مُضْـنٍ إِلَـى سَفَـرٍ
أَضْنَـى لأَنَّ طَرِيـقَ الرَّاحَـةِ التَّـعَـبُ
لَكِنْ أَنَا رَاحِـلٌ فِـي غَيْـرِ مَـا سَفَـرٍ
رَحْلِي دَمِي ... وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَـبُ
إِذَا امْتَطَيْـتَ رِكَابَـاً لِلـنَّـوَى فَـأَنَـا
فِي دَاخِلِي ... أَمْتَطِـي نَـارِي وَاغْتَـرِبُ
قَبْرِي وَمَأْسَـاةُ مِيـلاَدِي عَلَـى كَتِفِـي
وَحَوْلِـيَ العَـدَمُ المَنْفُـوخُ وَالصَّخَـبُ
«حَبِيبُ» هَـذَا صَدَاكَ اليَـوْمَ أَنْشُـدُهُ
لَكِـنْ لِمَـاذَا تَـرَى وَجْهِـي وَتَكْتَئِـبُ؟
مَاذَا ؟ أَتَعْجَـبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَـرِي؟
إِنِّي وُلِدْتُ عَجُـوزَاً .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟
وَاليَـوْمَ أَذْوِي وَطَيْـشُ الفَـنِّ يَعْزِفُنِـي
وَالأَرْبَعُـونَ عَلَـى خَــدَّيَّ تَلْتَـهِـبُ
كَـذَا إِذَا ابْيَـضَّ إِينَـاعُ الحَيَـاةِ عَلَـى
وَجْـهِ الأَدِيـبِ أَضَـاءَ الفِكْـرُ وَالأَدَبُ
* * * * *
وَأَنْتَ مَنْ شِبْتَ قَبْـلَ الأَرْبَعِيـنَ عَلَـى
نَـارِ «الحَمَاسَـةَ » تَجْلُوهَـا وَتَنْتَـحِـبُ
وَتَجْتَـدِي كُـلَّ لِـصٍّ مُتْـرَفٍ هِـبَـةً
وَأَنْتَ تُعْطِيـهِ شِعْـرَاً فَـوْقَ مَـا يَهِـبُ
شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ «وَالٍ» إِلَـى «مَلِـكٍ»
يَحُثُّـكَ الفَقْـرُ ... أَوْ يَقْتَـادُكَ الطَّلَـبُ
طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ « الموصِلِ » انْطَفَأَتْ
فِيـكَ الأَمَانِـي وَلَـمْ يَشْبَـعْ لَهَـا أَرَبُ
لَكِـنَّ مَـوْتَ المُجِيـدِ الفَـذِّ يَـبْـدَأه
وِلادَةً مِـنْ صِبَاهَـا تَرْضَـعُ الحِقَـبُ
* * * * *
«حَبِيبُ» مَـا زَالَ فِـي عَيْنَيْـكَ أَسْئِلَـةً
تَبْـدُو... وَتَنْسَـى حِكَايَاهَـا فَتَنْتَـقِـبُ
وَمَا تَـزَالُ بِحَلْقِـي أَلْــفُ مُبْكِـيَـةٍ
مِنْ رُهْبـَةِ البَوْحِ تَسْتَحْيِـي وَتَضْطَـرِبُ
يَكْفِيـكَ أَنَّ عِدَانَـا أَهْـدَرُوا دَمَـنَـا
وَنَحْـنُ مِـنْ دَمِنَـا نَحْسُـو وَنَحْتَلِـبُ
سَحَائِـبُ الغَـزْوِ تَشْوِينَـا وَتَحْجِبُـنَـا
يَوْمَاً سَتَحْبَلُ مِـنْ إِرْعَادِنَـا السُّحُـبُ؟
أَلاَ تَـرَى يَـا أَبَـا تَمَّـامَ بَارِقَـنَـا
إِنَّ السَّمَـاءَ تُرَجَّـى حِيـنَ تُحْتَجَـبُ


وقد أختار الشاعر محمد مفتاح الفيتوري من القطر السوداني قصيدة عنوانها :"نافذة العصر" قال فيها :
حين يأخذك الصمت منا



فتبدو بعيدا



كأنك راية قافلة



غرقت في الرمال



تعشب الكلمات القديمة فينا



وتشهق نار القرابين



فوق رؤوس الجبال



وتدور بنا أنت



ياوجهنا المختفي



خلف سحابة



فى زوايا الكهوف



التي زخرفته الكآبة



ويجر السؤال .. السؤال



وتبدو الإجابة.. نفس الإجابة



****



ونناديك



تغرس أصواتنا



شجرا صندليا حواليك



نركض خلف الجنائز



عارين في غرف الموت



نأتيك بالأوجه المطمئنة



والأوجه الخائفة



بتمائم أجدادنا



بتعاويذهم حين يرتطم الدم بالدم



بالصلوات المجوسية الخاطفة



بطقوس المرارات



بالمطر المتساقط في زمن القحط



بالغاب والنهر والعاصفة



****



قادما من بعيد على صهوة الفرس



الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية



يافارس الحزن مرغ حوافر خيلك



فوق مقابرنا الهمجية



حرك ثراها



انتزعها من الموت



يافارس الحزن



كل سحابة موت



تنام على الأرض



تخلقها ثورة في حشاها



انتزعها من الموت فارس



الحزن



أخضر



قوس من النار والعشب



أخضر



صوتك بيرق وجهك قبرك



لا تحفروا لى قبرا



سأرقد في كل شبر من الأرض



أرقد كالماء في جسد النيل



أرقد كالشمس فوق



حقول بلادي



مثلى أنا ليس يسكن قبرا



****



لقد وقفوا ..



ووقفت



لماذا يظن الطغاة الصغار



وتشحب ألوانهم



أن موت المناضل موت القضية ؟



أعلم سر احتكام الطغاة إلى البندقية



لا خائفا .. إن صوتي مشنقة



للطغاة جميعا ..



ولا نادم .. إن روحي مثقلة بالغضب



كل طاغية صنم



دمية من خشب



وتبسمت .. كل الطغاة



ربما حسب الصنم الدمية المستبدة



وهو يعلق أوسمة الموت فوق صدور



الرجال ..



انه بطلا مايزال



وخطوت على القيد



لا تحفروا لي قبرا



سأصعد مشنقتي



وأغسل بالدم رأسي



وأقطع كفى



وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر



فوق حوائط تاريخه المائلة



وأبذر قمحى للطير والسابلة



****



قتلوني وأنكرني قاتلي



وهو يلتف بردان في كفني



وأنا من؟ سوى رجل



واقف خارج الزمن



كلما زيفوا بطلا ..



قلت: قلبي على وطني


وأعقبه الشاعر محمود الحوت بقصيدة بائية.. بعدئذ اختتم الحفل بقصيدة الشاعرمسلم
الجابري
13-12-1971:-
---------------
في هذا اليوم مساء عقدت أمسية شعرية لشعراء مدينة الموصل حيث عرف قدم عريف الحفل الاستاذ سعد البزاز بعضا من شعراء الموصل هم: أرشد توفيق ، سالم الخباز، معد الجبوري، ذو النون الشهاب، عبد المحسن عقراوي، أمجد محمد سعيد ، محمد علي الياس العدواني، عاصم إسماعيل ، عبد الوهاب إسماعيل ،عبد الوهاب شاهين الشرفاني .
14-12-1971:
---------------
أقيمت الأمسية الشعرية الثانية.. بدأها الشاعر احمد الجندي بقصيدة حملها تحياته إلى الموصل وتلاه الشاعر جميل حيدر، ثم أعقبه الشاعر محي الدين ألبرادعي بقصيدة من الشعر الحر، ثم الشاعر خليل خوري قصيدته تمثل أحاسيس الغربة والضياع قوبلت بتقدير الحضور، وتبعته الشاعر راضي مهدي السعيد ، والشاعر عبد الأمير الورد والشاعر مالك ألمطلبي والشاعر العنسي، والشاعر محمد عفيفي مطر ويتذكر الاستاذ الشاعر الكبير معد الجبوري بعض ما جاء في قصيدة مطر والموسومة : "وشم النهر على خرائط الجسد " وفيها يقول :
ظلَّلَتني مِن جَناحَيها سحابَهْ
وصَلَتْنِي بالدمِ الهاربِ مِن شَقٍّ لشَقٍّ،
وضعتني في الرَّبابَهْ
وتراً ممتلئََ الصوتِ، بكنزِ الصَّرَخاتْ
وأنا فزَّاعَةُ الطير بأرضِ الغُرباءْ
كنتُ في قلبِ العراءْ
مستحِماًّ بعراكِ الطيرِ في الرِّيح،
ومَحشواًّ بأوراقِ التقاويمِ ـ الجسَدْ
كما يتذكر من قصيدة الشاعر المصري المعروف محمود حسن اسماعيل الموسومة : "سجدة على قبر أبي تمام " ، الأبيات التالية :

أنا والمنجِّمُ، يا ابنَ أوسٍ، فوق قبرِكَ ساجدان، مُسبِّحانْ
وترانِ من نغمِ الخلود، على ثراكَ يُغَرِّدان، يُصلِّيانْ
جئناكَ مَزمُورَينِ مَخمُورَينِ، مِنْ دَهش المدى يتعجَّبانْ
يتنقَّلانِ على صداكَ مع الخلود، ويشربان.. ويسقِيانْ
قُمْ واملآ الأقداح ثانيةً، وجَلجِلْ في الصفوفِ بلا أوانْ
وأعدْ نفيرََ الأرضِ.. عمّوريّة أخرى.. تَشوَّقُ للأذانْ


وأخيرا القى الشاعر هاشم الطائي قصيدته ،وأدار الأمسية السيد خالص عزمي عضو الهيئة العليا للمهرجان.
هذا وقد وجهت الهيئة العليا لمهرجان أبي تمام شكرها باسم العراقيين والعرب إلى السيد محافظ نينوى واللجنة المحلية للمهرجان ، ومديرية التربية للإسهام في أنجاح المهرجان .
وجدير بالذكر أنه ألقيت خلال أيام المهرجان محاضرات تضمنت قضايا في الشعر والأدب. كما تخللت أيام المهرجان زيارات للمناطق الاثارية والتاريخية في الموصل، اطلع الوفود خلالها على معالم المدينة وحضارتها .




أسماء الكتاب والشعراء العرب والعراقيين المدعوين إلى مهرجان أبي تمام

أحمد عبد المعطي حجازي، سلمى الحفار الكزبري، نزار قباني، محمود حسن إسماعيل، إدريس الجاي، احمد الجندي، جورج راجي، محمد الفيتوري، عبد الله البردوني، صادق القاموسي، محمد نجيب ألبهبيتي، محمد مرسي. د. حسين نصار، د. عز الدين إسماعيل، د.عبد المحسن طهبد ، صبري حافظ ، سامي خشبة، محمد عفيفي مطر ، عائدة مطرجي،وائل جبور، محمود الحوت ، إبراهيم ألخوري، عمر أبو ريشة،أبو سمعان نصير، مهيبة المالكي، أنصاف معضاد الأعور، نجيب صالح،تمام الجندي، عبد الكريم اليافي ، خالد محي الدين ألبرادعي، رجاء النقاش،عبد الرحمن ياغي، عبد الأمير الورد.
من العراق:
جميل، بلند الحيدري، عبد الوهاب ألبياتي، لميعة عباس عمارة، ، فؤاد التكرلي، خضير عبد الأمير، موفق خضر، عبد الإله ، هاشم الطائي، محمود العبطة، فهد الاسدي، احمد خلف، أسيا ألطريحي ، ادمون صبري، إبراهيم الوائلي ، كمال نشأت، مهدي ألمخزومي، هلال ناجي، حازم سعيد، عبد الوهاب الكبيسي، موسى كريدي، إبراهيم السامرائي، خالص عزمي، عبد الجبار البصري، ، هاشم ألنعيمي، زهير الدجيلي، محمد سعيد الصكار، عبد الجبار عباس ،أحمد فياض ألمفرجي، عبد الرزاق الحسن، د. عناد غزوان، شريف الراس،، صلاح الحافظ ، عبد الجبار الحكيم، حسن التميمي، ميخائيل عواد ، كوركيس عواد ، فؤاد عباس، مزيد الظاهر ، لطيف الجبوري، د.علي جواد الطاهر، د. علي الزبيدي، عبد الإله احمد.

من الموصل:-

عبد العزيز الكيلاني. عبد الجبار احمد، قحطان محجوب، محسن عقراوي . جبرائيل إسحاق، سالم محمود، ارشد توفيق، عبد المحسن عقراوي ، سالم الخباز، معد الجبوري، بشرى البستاني، امجد محمد سعيد، عبد الوهاب شاهين الشر فاني، عاصم إسماعيل ، عبد الحليم اللاوند، ، هناء بشير صفو، ناثرة الصراف، سعيد الديوه جي ، عبد الباري عبد الرزاق النجم ، محمد نايف الدليمي، محمود جنداري، طلال حسن، طلال عبد المجيد، حسب الله يحيي. احمد محمد المختار، احمد سامي ألجلبي، سعد البزاز، راكان دبدوب، مؤيد اليأس بكر، أنور عبد العزيز، سعيد إبراهيم، قاسم الملاح، هشام الطالب، عبود عبد الله بكر، سامي طه الحافظ ، وعد الله إبراهيم ، وصال مصطفى، احمد الصوفي ، عبد الوهاب إسماعيل، سعد الدين خضر، ذنون الاطرقجي، صفية الدبوني ، عبد الله توفيق الدباغ. د. عمر الطالب. سالم الحمداني، د. مفيد محمد نوري، لؤي الزهيري، نجمان ياسين، عبد الحميد التحافي.



وقد أجرى مندوب مجلة الجامعة الأستاذ لؤي الزهيري أحاديث مع الشعراء
نزار قباني وعبد الوهاب ألبياتي وبلند الحيدري هذا نصها :


احتفال أبي تمام، مظهر بناء، من المظاهر الحيوية التي تبناها العراق ، وجاء المهرجان الكبير بالموصل إحياء لذكرى ألفية الشاعر العربي حبيب بن أوس الطائي المكنى أبا تمام، فضم المؤتمر حشدا من أبرز الشعراء والكتاب والعراقيين، واستهل الأستاذ الشاعر شفيق الكمالي وزير الأعلام المهرجان بكلمة قيمة.
تجلت روعة المهرجان في لقاء الشعراء والكتاب من أرجاء الوطن العربي حوار الحب والكلم .
وثارت في الأندية الأدبية والشعرية مسألة التيارات الشعرية الحديثة وتعدد الآراء حولها، وتبرز أراء عديدة تعطي مفهوما لناحية معينة في عالم التجديد في الشعر. قصيدة النثر هي الأخرى كانت مدار أحاديث بين النقاد ، وعندما سألت نزار قباني عن موقفه منها قال: قصيدة النثر من أثواب التعبير دخل على أدبنا منذ حوالي عشر سنوات، وانا نغير أزياء أدبية، ونستبدل أثوابنا بأثواب جديدة. وقصيدة النثر هي تمرد على القوالب والكليشهيات الجاهزة ..هي صورة أخرى من الحرية التي يحتاج إليها الشعر العربي الحديث ليخرج من الحذاء الصيني الذي قيده ومنعه من الحركة عصورا طويلة.
واعترض عبد الوهاب ألبياتي على التسمية: أي شكل أدبي هو لون من الشعر الأدبي، واني اعترض، لماذا نسميها قصيدة، لان القصيدة من الوجهة القاموسية تعني شيئا أخر، فقصيدة النثر تحوي قيما وأفكارا شعرية . وهي نوع من الكلام المكتوب الجميل. وفي لبنان يتطرفون ويعدونها قصيدة المستقبل، فلا داعي لهذه التسمية، لان تسمية قصيدة نثر، كلما كان قصيدة تتعارض مع كلمة نثر وقد تكون مادة للشعر.
ويتحدث بلند الحيدري قائلا: ساعدت عوامل عدة على ازدها قصيدة النثر في الآونة الأخيرة، وألفنا رؤية نماذج حسنة لها متمثلة في بعض انتاج محمد الماغوط وأنسى الحاج وجبرا إبراهيم جبرا، وغيرهم من ويمكن حصر تلك العوامل المساعدة في نشوء تلك القصيدة إلى الشعر الأوربي بلغة القصيدة النثرية من ناحية، ومن ناحية أخرى المعاصرة عن الشعر المنبري إلى شعر القراءة الذي لايبدو فيها للقصيدة ضروريا هذا بالإضافة إلى نقطة ذات أهمية لغة القصيدة النثرية أكثر استيعابا لمظاهر عصرنا ولوصف أبعاده.
ربما تسأل أين أقف أنا من هذه القصيدة؟ مازلت أطرب لها لان شعراءها لم يكتشفوا بعد المقومات الأساسية لها وخاصة بنيتها الداخلية القائمة على تدحرج المفردات وارتباط بعضها ببعض مما يعطيها نغما خاصا بها .
ويقول نزار قباني: ربما كانت قصيدة النثر على غير المألوف ... والمعروف من شعرنا العربي، وربما كانت القصيدة اعتداءا على الإذن العربية وعلى ماألفته وأدمنت عليه ولكن هذا لن يضيرها لان الشعر في حقيقة الأمر كسر للتناظر الهندسي .
وفي حديث الموسيقى الداخلية يقول الشاعر ألبياتي في الكتب الأجنبية، الموسيقى الداخلية موجودة بداخل موسيقى مجردة عن الموسيقى الخارجية. لايوجد شيء اسمه موسيقى والموسيقى الداخلية لأتولد ألا من خلال الإطار العام الموسيقى، فلا يمكن بناءها في احتفال. وعندما ألقى محمد الماعوظ في مهرجان للشعر اضحك الناس وهو رجل ليس بشاعر لكنه يكتب كلاما لطيفا فيه صور ومعان جميلة وكتابات جبران خليل جبران من هذا النمط.
وسالت نزارا عن موسيقى الشعر فقال: توجد موسيقى . وأنا عانيت هذه التجربة ف " 100 رسالة حب" عبارة عن مجموعة من رسائل العشق كتب بشكل قصيدة النثر، وقد اكتشفت خلال عملية الكتابة نفسها تلك الروابط الوثيقة الخفية التي تربط الحروف يبعضها. كما اكتشفت اصطدام للكلمات ببعضها في أطار الحرية يخلق موسيقى جديدة أكثر قدرة على الانسياب وعلى الرحيل من موسيقى بحور الشعر العربي. أذن قصيدة النثر ارض حافلة وغنية بالإمكانيات ، وهي باب جديد من أبواب الحرية، يدخله الشعر العربي .
وعن طابع الموسيقى يقول الشاعر بلند الحيدري: أن شعر القصيدة النثرية لم يعمل بعد كما يجب أن يعمل . ألا في النادر من نماذج الشعراء الذين ذكرتهم، فهو لم يعتن بلغته كما يجب، ومما لاشك فيه أن القصيدة النثرية في بدء محاولاتها للخروج عن النثر وعن الشعر. أي أنها تولد جديدة ، بينما خرجت القصيدة حديثة. وفيها الكثير من مقومات القصيدة الكلاسيكية، وعلى الأخص تفعيلتها وقوافيها التي ماعادت تنظم على أسلوب الصدر والعجز في البيت، وبهذا المعنى فالقصيدة النثرية، أذن، ولادة جديدة وأنها عبر ممارسة شعرائها ربما سيكون لها الشأن ، ونحن وانتم في انتظار أن نراها أكثر نضجا وأكثر عطاء .
وهنا ودعت الشعراء الثلاثة على أمل أن نكمل الحديث في ألوان أخرى حول قضايا الشعر المعاصرة .

وقد أجرى عدد من طلبة كلية الآداب-جامعة الموصل ، وهم ناطق يوسف وعدنان ياس وأميرة علي حسين لقاءا مع الشاعر اليمني عبد الله البردوني جاء فيه :


أتيحت لنا فرصة اللقاء بالشاعر اليمني عبد الله البردوني الذي ملك احساس ومشاعر كل من سمعه وهو يلقي قصيدته في مهرجان أبي تمام، وفي زحمة المقابلات التي كان يعقدها مع مراسلي الصحف والأدباء استطعنا أن نجري معه هذا التحقيق الذي استغرق دقائق معدودة سلط لنا الأضواء على مراحل حياته واهم الأحداث التي مر بها، وقد ارتأينا أن ننقل نص اللقاء عن لسانه مباشرة لنضعه بين يديك- عزيزي القارئ – لتستطيع أن تتعرف على تجربته الشعرية ومعاناته الذاتية.
كان سؤالنا الأول عن حياته الخاصة فأفاض في حديثة عنها وقال:-
اسمي عبد الله البردوني. ولدت في الريف وليس هناك تواريخ ميلاد وتقريبا أن عمري بلغ الخامسة والأربعين ألان(1971 ). وأنا متزوج غير أب.
ثم انتقل الشاعر إلى الحديث عن مبادئ ثقافته فقال:-
- بدأت الدراسة في قرية البردون من لواء صنعاء وبدأت التعليم فيها ثم انتقلت إلى مدينة ذمار حيث واصلت تعليمي وكان منهاج التعليم يومئذ مقتصرا على العلوم الدينية من تفسير للقران الكريم ومن صرف ونحو وعلم بلاغة ثم ثقة وأصوله والى جانب هذا تثقف شخصي من التاريخ القديم ثم انتقلت إلى صنعاء عام 1949 وهناك أكملت تعليمي الذي بدأته في ذمار ألا أن حياتي فيها توسعت بالثقافات المتعددة وقرأت كل ما وقعت عليه يدي من كتب الأدب الحديث .واستطرد الأديب اليمنى في عرض مصادر ثقافته إلى أن قال:- ثم واصلت التثقف حتى سايرت كل قوافل الفكر المعاصر والفنون المعاصرة ثم بدأ اليمن يتصل بالعالم شيئا فشيئا وكلما زاد اليمن صلة بالعالم زادت ثقافته وبعد أن أنهيت المنهج المقرر تحولت إلى أستاذ في مدرسة دار العلوم أدرس الأدب بالإضافة إلى عملي الإضافي بالإذاعة وعمل كصحفي لصحيفتي سبأ والنصر ثم تخصصت عند قيام الثورة اليمنية عام 1962 بالعمل الإذاعي كمدير للبرامج ومن عام 1971 أضيفت إلي عضوية تحرير مجلة الحكمة بعدن وعضوية تحرير مجلة الجيش بصنعاء.
وانتقل إلى الحديث عن حياته السياسية قال:-
نزلت ضيفا على السجون ثلاث مرات نتيجة نشاط سياسي قمت به: الأولى عام 1949 والثانية عام 1954 والثالثة عام 1957 وكانت فترات من ستة أشهر إلى سنة واحدة دون تحديد في البداية.
وعندما سئل البردوني عن سبب ميله إلى الشعر أجاب:-
ملت إلى الشعر بفطرة محبة للشعر ثم زاد حب الشعر عندي لأني كنت حزينا ثم تحول حزني إلى قلق اجتماعي وسياسي وكنت في أول أمري أشعر لحزني ألان اشعر لقلقي.
وأما عن مدى تأثير الثورة اليمنية في اتجاهه الشعري والفكري فأجاب بإيجاز:
من المعلوم انه لايحدث جديد في الأدب الأبعد أن يحدث جديد في المجتمع ولقد أثرت علي الثورة في التفكير والتعبير . ويتضح هذا الفرق من ديوان إلى ديوان .
من آثاره الأدبية فقد صدر له إلى ألان ثلاثة دواوين:-
الأول: من ارض البلقيس عام 1961.
الثاني: في طريق الفجر عام 1967.
الثالث: مدينة الغد عام 1971
الرابع تحت الطبع وهو بعنوان " صنعاء والموت والميلاد" .
وله مجموعة كبيرة من المقالات الأدبية والسياسية وكتاب يبحث في الشعر اليمني قديما وحديثا. وقد اخترنا هذه القصيدة من ديوان " مدينة الغد" بعنوان " لص في منزل شاعر " جاء في مطلعها :

شـكراً ، دخلتَ بلا إثارة ، وبلا طُفُورٍ ، أو غراره
لـما أغـرتَ خنقتَ في رجليكَ ضوضاءَ الإغاره!!

لـم تسلبِ الطينَ السكونَ ، ولم ترعْ نومَ الحجاره !!

كالطيفِ جئتَ بلا خُطى ، وبلا صدى ، وبلا إشارة

أرأيـتَ هـذا الـبيتَ قـزماً ، لا يـكلفك iالمهارة!!

فـأتيته ، تـرجو الـغنائم ، وهو أعرى من مغاره!!



مـاذا وجـدت سـوى الـفراغ ، وهرّة تَشْتَمُّ iفاره!!

ولهاث صعلوك الحروف ، يصوغ من دمه العباره!!

يُـطفي الـتوقّدَ بـاللظى ، ينسى المرارةَ iبالمراره!!

لـم يبقَ في كُوبِ الأسى شيئاً ، حَسَاهُ إالى قراره !!



مـاذا ؟ أتلقى عند صعلوكِ البيوت ، غِنىالإماره !!

يـا لـصُّ عفواً ، إن رجعتَ بدون ربحٍ أوiخساره !!

لـم تـلقَ إلاّ خـيبة ، ونـسيت صندوق السجاره!!

شـكراً ، أتـنوي أن تُـشرفنا ، بـتكرارِ الزياره
ومن الطريف أن تتصدى نشرة الإعدادية المركزية في الموصل الموسومة : " كاتب " ، للمهرجان حيث قام الأستاذ زهير صالح جليميران وكان مدرسا للغة العربية فيها آنذاك ،بكتابة تحقيق عن المهرجان في العدد2 الصادر في شباط 1972 بعنوان : " مجلتنا في مهرجان أبي تمام ..حديث مع الأدباء العرب " جاء فيه : "كان مهرجان أبي تمام تظاهرة أدبية كبرى عاشتها مدينتي الحلوة :مدينة العطاء على مر الزمن ..تعانق في هذا المهرجان الفكر الخلاق ليشير إلى وحدة الأمة والى تضامن مفكريها ... " .وممن اجري الحوار معهم الناقد الأستاذ رجاء النقاش ومع شاعر اليمن الكبير عبد الله البردوني .وقد أكد النقاش انه يدافع عن حرية الفكر وانه يؤمن بديمقراطية الفكر وبأن الفكر العربي لايمكن أن يتقدم بدون الحوار والتنوع والصراع الحي الذي هو الوسيلة الصحيحة للوصول إلى الاتجاه السليم .أما إذا ساد رأي واحد وفكرة واحدة فأن معنى هذا أن يتجمد العقل العربي ويتوقف عن التطور .وأضاف أن سرا من أسرار التخلف العربي هو اتجاه المجتمع العربي في كثير من مراحله التاريخية إلى رفضه الحوار، والرضا بوجهة نظر واحدة جامدة تقليدية في الفكر والحياة وهو أمر يجب أن نسعى للتخلص منه بكل ما نستطيع من قوة .أما الشاعر البرد وني فقد أجاب على أسئلة الأستاذ جليميران وقال أن تجربته في قصيدة مهرجان أبي تمام تجربة جديدة في حياته الشعرية، وان أبا تمام شاعر خطير سجل أهم القضايا السياسية في عصره المشابهة لعصرنا وان أبي تمام كان يعرف شعر الحجاز وشعر مصر ولم تكن تحد الأدب حدود سياسية .وختم حديثه بالقول انه قضى في قصيدته سبع ليال من القرن العشرين متنقلا بين القرن التاسع والقرن العشرين وانه حاول أن يتحدث إلى أبي تمام بلغته .
واخيرا ها نحن اليوم (تموز –يوليو 2010 ) كتابا، وباحثين ،وإعلاميين، وشعراء ،وكتابا ،ومؤرخين، نستذكر مهرجان أبي تمام في الموصل ،بأمل أن تعاد إلى مدينتنا العظيمة.. مدينة ابن الأثير ،وابن جني، وأبي تمام وغيرهم من أفذاذ عراقنا وامتنا بعض بهجتها، والقها، واحتضانها لكل جديد في الفكر والثقافة الحية الصادقة .
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور إبراهيم العلاف ورابطها التالي :

http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/06/blog-post_23.html
**الصور جميعها من أرشيف الشاعر الكبير الأستاذ معد الجبوري فشكرا له على سماحه لنا بالاستفادة منها وبارك الله به .
,وفي المقال صورة جانبية للشاعر ابي تمام نفذها الفنان الكبير الاستاذ طلال الصفاوي

هناك 3 تعليقات:

  1. شكرا جزيلاً دكتور ابراهيم العلاف على هذا الموضوع الذي طرحته وجعلتنا نعيش في زمن جميل بمقدار ساعه الا ربع من مع العضماء رحمة الله عليهم جميعا
    واشكر جهدك المثابر وحرصك على نقل الاحداث والوقائع اولا باول بكل تفاصيله
    وجزاك الله عنا كل خير

    ردحذف
  2. اُحبك يا بردوني :) رآئع رحمك الله

    ردحذف

في اهمية العودة الى الثوابت القيمية الاخلاقية

                                                                      ابراهيم خليل العلاف   ومساؤكم خير .........................وليلكم جميل...