الخميس، 5 يونيو 2014

إشكالية التحديث والعشائرية في العراق -حوارات اجراها الاستاذ ؤزاق ابراهيم حسن

باحثون يناقشون إشكالية التحديث والعشائرية في العراق*

بغداد- رزاق ابراهيم حسن
مع ان الندوة العملية التي عقدها قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة بعنوان (اشكالية التحديث والعشائرية في العراق  الحديث والمعاصر: مشكلة بناء الدولة) جمعت بين مختصين عراقيين في التاريخ، الا ان هؤلاء المختصين اختلفوا كثيرا  في التعامل مع هذا الموضوع، فهناك من ارجح ضعف وغياب الدولة في العراق الى العشائر، وانها  قاومت الحداثة وهناك من اعطى العشائر  دوراً تحديثيا ووطنيا ودورا في اقامة الدولة العراقية،
 وقد افتتحت الندوة برئاسة الاستاذ الدكتور محمود  عبد الواحد محمود وقيام المساعد المدرس محمد جبار الجمال بمهمة التقيرير، وقد اوضح رئيس الجلسة اهمية اختيار  موضوع الندوة، لان العشائر والقبائل العراقية لها دور في تشكيل اختيار الدولة  وان العراق من الدول التي تشكل فيها العشائر والقبائل البنى التحتية منذ اقدم العصور، وقد حاز هذا الموضوع على اهتمام الكثير من الباحثين والمؤسسات  العلمية  والاكاديمية والبحثية، وبعد الدكتور علي الوردي اول من تناوله، مستفيدا من النظرية  الخلدونية والنظريات  المعاصرة ولاسيما الفرنسية، وقد اعقب ذلك تقديم الاستاذ الدكتور جميل موسى النجار بحثا بعنوان (اشكالية التحديث والعشائرية في العراق الحديث والمعاصر: مشكلة بناء الدولة  – الحقبة العثمانية)  حيث تحدث فيه عن المشكلة التي تخص وقائع التحديث مع العشائر  التي كانت موجودة منذ القدم ومازالت قائمة، كما  اوضح ان هذه المشكلة كانت قائمة قبل ان تقام الدولة العراقية  الحديثة، اذ تناول البنية التي قامت عليها هذه الدولة، وكانت هشة وضعيفة في حينها، وقال : ان الدولة العراقية التي بنيت بعد الحرب العالمية الاولى كانت  تفتقر  الى اسس تكوين الدولة، وكان الفكر العشائري يتقاطع مع مفهوم الدولة الحديث، حيث ينازعها في الكثير من سلطاتها ويؤخر عملية بنائها، وذلك يرجع لاسباب عدة منها: الارث الطويل للحكم العثماني  وعدم وجود تجانس اجتماعي بين الولايات الثلاث التي كانت تشكل  جغرافية العراق وهي (ولاية بغداد والبصرة والموصل، كذلك وجود تنافر بين سكان الريف والمدن، حيث ان سكان المدن في عام 1919 يبلغ 27 بالمئة بالاضافة الى ثقافة البداوة التي كانت سائدة في حينها، وقد كان العراق محكوما بالمؤثرات  العثمانية  والبريطانية، وهو بحدوده كان عثمانيا  ثم اصبح بريطانيا.
ديمومة العشيرة
وفيما ينكر الاستاذ الدكتور جميل موسى النجار على العشائر اي دور تحدثي، ويرجع اليها الكثير من عوامل ضعف الدولة  فان الباحث حميد ياسين ناصر يستهل بحثه الموسوم (اشكالية التحديث والعشائرية : مشكلة بناء الدولة.. .. الحقبة المعاصرة) بتساؤل عن سبب ديمومة العشيرة  الى يومنا هذا رغم مرور اكثر من عشرين سنة على سقوط النظام السوفييتي وانشار العولمة، حيث ان متطلبات التطور متواصلة في الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، والاسباب  في ذلك ان الدولة نفسها تعمل على انتاج العشيرة، اذ تاخذ الدولة باللجوء الى العشيرة لتقاسم السلطات معها بسبب وجود النية قوية، ولان الدولة لا تريد الغاء او نفي هذه الاثنية، والتي تاتي من الانتماءات للمناطق كما هو حال الاكراد.
وقال: هناك عصبيات مناطيقية تعود للمناطق التي يسكنها الناس، وهي تعمل على اعادة هيكلة العشيرة حسب المكان او المنطقة او المحافظة، وفي بعض الاحيان يفضل الشخص الانتماء المناطقي على الانتماء  الاثني، الامر الذي ادى الى ظهور  فئوية  جديدة، ودفع الدولة لتشجيع الانتماء المناطقي  على حساب الانتماء العشائري والاثني، وان الدولة تعمل دائما على اعادة تشكيل ديموغرافية المنطقة مستخدمة  العشائر في ذلك، ولم تكن الدولة اداة في يد العشائر وانما كان العكس هو الصحيح.
مناقشات وتعليقات
وفي مداخلة الاستاذ الدكتور فلاح الاسدي  رئيس جامعة النهرين: ان اشكالية التحديث والعشائرية  تعود الى الهويات وهي تحتاج الى دراسة، لان العراق ليس الدولة الوحيدة التي كانت واقعة تحت الحكم العثماني، ثم اذا كان الحكم العثماني هو سبب ضعف الدولة العراقية فلماذا ظهرت الدولة التركية التي هي بعمق الدولة العراقية؟ ولماذا لم تظهر في العراق؟ نحن نتحدث عن ظاهرة وليس  عن اسباب.. هل هناك تحديث؟ هل العشائرية حافظت على قوامها؟ هذه مسالة نسبية، ولابد من دراسة دور الدولة في بناء الدولة.
وقال الاستاذ الدكتور محمود علي الداود مشرف قسم الدراسات السياسية في بيت الحكمة : ان الدولة العثمانية لم تكن دولة ضعيفة لاسيما في بدايتها ووسطها وكيف وصفها بالدولة الضعيفة  وهي اكبر دولة اسلامية  بعد الدولة العباسية بالنسبة لهذه المنطقة  ومنها العراق. كما ان تاسيس الدولة العراقية جاء من ثلاثة عوامل وليس فقط من الانكليز بل هو نتيجة تسويات ما بعد الحرب، والتي شملت العديد من دول البلقان  وغيرها،  ونلاحظ ان العراق عندما تاسس عام 1921 كان الفكر العربي القومي والوحدة العربية من الافكار الموجودة، بل وجدت عام 1919 في المؤتمر التاسيسي الاول في باريس من خلال مخاطبات الشريف حسين التي تشير الى استقلال العراق.
واشار الدكتور محمود علي الداود الى سؤال الدكتور فلاح الاسدي عن سبب وجود قائد وطني في تركيا هو مصطفى  كمال اتاتورك الذي اسس الدولة التركية وان ما يجب التركيز عليه هو تاسيس الدولة وان تكون العشيرة عامل قوة.
وشارك في المناقشات الاستاذ الدكتور احسان الامني رئيس مجلس امناء بيت الحكمة حيث  اشار الى اشكالية مهمة وهي وجود تعارض بين الدولة والعشيرة، بل هناك من يعتز بطبقيته، والاعتزاز بالوطنية  موجود منذ القدم، والوطنية موجدوة في اغلب الدول، وقد اقترح الاستاذ  والدكتور احسان الامين دراسة دولة سويسرا كنموذج لوجود فيدرالية فيها بسبب الانتماءات المختلفة لسكانها، كما اوضح الى ان الانتخابات الامريكية  الاخيرة شهدت تحيزا للانتماء وللاصول سواء كانت  ايطالية او عربية او غير ذلك، كما بين رئيس مجلس امناء بيت الحكمة ان القضية  ليست قضية تناقض وجود ، او طريقة التعبير عنها، ولكن طريقة التعبير السليمة والديمقراطية يمكن ان تضعها في سياقها الصحيح وذلك لان استمرار حالة العصبية يعيش في المدن ولكنه متمسك بالتفكير البدوي مما شكل عصبية جديدة، حيث لم يستطع التواصل في المجتمع الحديث، ولاسيـــــــــــما انه يعطي قيمه القديمة  قوة مضاعفة وان الكثير من الجماعات المسلحة تميزت  بالعنف والارهاب  بســــــبب هذه القيم. ودافع الدكتور مزهر الخفاجي عن دور العشائر في بناء الدولة معترضا على قول الاستاذ الدكتور جميل موسى النجار بان الدولة مبتكرة وحديثة وانها حسب تعبيره قديمة وكانت موجودة في الوركاء في العراق، وان اول دولة غير اسلامية  ظهرت في العراق في زمن حمورابي، وان الدكتور النجار يغفل المرجعيات ودورها في تاسيس الدولة.
وجاء في مداخلة الاستاذ الدكتور محمود صالح  الكروي استاذ العلوم السياسية جامعة بغداد: ان العراق كان يمتلك خصوصية الدولة ولذلك  كان من الدول المؤسسة لهيئة الامم المتحدة، ومن اعضاء الهيئة الخماسية المكلفة لصياغة ميثاقها، حيث مثله في الهيئة الدكتور محمد فاضل الجمالي ولولا  ان العراق لم يملك قوة وامكانات ومؤهلات الدولة لما اتيح له هذا الدور، ولما كان من مؤسسي هيئة الامم المتحدة عام 1945 .
وقال  الاستاذ الدكتور فالح صبري مزبان – كلية التربية- الجامعة المستنصرية ان المسالة  التي اشار اليها الدكتور جميل النجار بشأن قيام الدولة في العراق، ان للاحتلال دوراً في تشكيل قانون مجالس العشائر كما ان العامل الجغرافي يمتلك اهميته في تاسيس الدولة وكان وما يزال مؤثرا في تاسيسها.
وجاء في حديث الدكتور نجاح كبة- لغة عربية: ان العشائرية ليست هي في المجتمع، والتجربة الاسلامية دليل على ذلك، اذ ان الاسلام وحد العشائر تحت رايته وان العشائر كانت تتعارض فيما بينها، كما تعاون الشيعة مع السنة في محاربة الانكليز، كما ان العشائر العراقية قدس ساهمت في بناء المواطنة.
مقترحات
واختتم اللواء المتقاعد صبحي ناظم توفيق المناقشات بالسؤال: عندما كانت الدولة العثمانية التي وصفتموها بدون دستور وقوانين كان السؤال المطلوب: كم عدد الدول في حينها كانت تملك دساتير وقوانين؟
وهكذا فان المناقشات والتعليقات لم تبلور رأياً موحداً لجميع المشاركين في الندوة، الامر الذي يتطلب تعزيزها بندوات اخرى تتناول ما يلي:
1. الدولة في الحقب المختلفة وخصوصيتها في كل حقبة.
2. دراسة الدول في بلدان ذات سياسات مختلفة وتشخيص التجارب الملائمة للعراق.
3. استضافة ممثلين عن الحكومة العراقية لمناقشة ما وضعوه وحققوه على طريق  بناء الدولة.
4. دراسة دور العشائر في القانون العراقي وما نجم عن ذلك من سلبيات.
5. من المهم تخصيص مؤتمر لبيت الحكمة عن العشائر ودورها في تحديث وتاخر بناء الدولة وفي التعامل السلبي مع القوانين.
*http://www.all-agencies.com/l.php?id=93249

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...